الشمولية وانتاج الاحقاد
فيروشاه عبد الرحمن
منذ ثلاثينيات القرن الماضي ظهرت تجارب من أنظمة الحكم في العديد من البلدان ففي الاتحاد السوفياتي السابق في حقبة جوزيف ستالين وفِي ألمانية النازية في عهد ادولف هتلر و كذلك جمهورية الصين الشعبية تحت حكم ماوتسي تونغ اتخذت الشكل الشمولي بأن اصبح الحكم استبداديا و تدخل في جميع مناحي و جوانب الحياة للمجتمع الاقتصادية و التعليم و حتى في الحياة اليومية للمواطن و معتقداته متعاملا مع المواطنين كأنهم أشياء مثل مؤسسات الدولة
وتنامى اكثر في القرن العشرين بعد ان حاز الكثير من القوى الثورية و العسكرية الى سدة الحكم بانقلابات أو اتباع ثورات محتكرون الحياة السياسية تحت مسميات الثورة و الشرعية الثورية منطلقين بوجود حزب وحيد لا يعترف بحق وجود أي حزب سياسي منافس وتسحق الحريات الفردية وأيديولوجيا دولة تحتوي على ابعاد خارج حدودها
وبحجة المحافظة على كيانهم و القضاء على الصراعات الداخلية استخدموا الجهاز الأمني الذي وجد خصيصا للعنف و حتى لا تخرج الأمور من تحت سيطرتهم لجأ الكثير من هذه الأنظمة الى إدارة مركزية للاقتصاد في الدولة بالاضافة الى هيمنتهم على وسائل الاعلام و الاتصال الجماهيرية لإخضاع المواطنين لرؤية الحزب و السيطرة على وعي المجتمع وتغييب الصوت المعارض عبر الاعتقالات و اعتبرت الاختلاف يعاقب عليها قوانينهم
وهذه الدول التي نشأت بعد الحرب الثانية 1945قد سارت برعاية بعض هذه الأنظمة الشمولية كما نراها الآن في منطقة الشرق الاوسط وأدت بسبب الضغط الذي مورس على الجماهير والموطنين الى صراعات مذهبية و طائفية و عرقية لأن هذه الأنظمة الحاكمة و حتى تستطيع السيطرة و التحكم بمصائر الناس لجأت الى إيجاد نوع من التمييز و التفرقة بينهم و زرعت ثقافة الرفض و الحقد و عدم قبول الآخر فأدت تلك السياسة الى انشقاق مجتمعي في هذه البلدان ومع ذلك لم تستطع الأنظمة المحافظة على بقائها الى مالا نهاية
وما نراه اليوم من ثورات و التي سُميت بثورات الربيع العربي والتي أدت الى تعميق الهوة بين هذه المجتمعات الا نتيجة من نتائج عمل وسياسة هذه الأنظمة و ثقافتها الشمولية التي لا يمكن التخلص منها الا بوجود مؤسسات و دساتير تحفظ حقوق المواطن و كرامته و حريته و ثقافة تنهي الصراعات الطائفية وتحترم حقوق الأقليات و القوميات الاخرى و تمنع أن يتحول الدين الى ايديولوجيا و التدين الى صراع بسبب منع التعبير الثقافي و السياسي