الاغتراب الوطني والانتماء
كاظم خليفة
اعتقد ان الانسان الكردي لم يمارس حقه يوماً كمواطن له نفس الحقوق والواجبات في البلدان التي عاش فيها لذلك لم يتعدى الانتماء الوطني لديه الحالة الشعورية اذ لازمته حالة اغتراب فكري و وجداني لافتقاره لوطن تتجسد فيه هويته الحقيقية وظل دافع النقص هو المحرك الأساسي لغالبية أفكاره وسلوكياته ليعبر عن مدى عشقه للعدالة والقيم الإنسانية النبيلة التي امتاز بها فكان دائماً في الصدارة محاربا الظلم والاستبداد والتطرف وحاميا الأوطان التي يعيش فيها و ما الشخصيات الكردية التي اشتهرت عبر التاريخ كصلاح الدين ويوسف العظمى وهنانو …وكذلك ممن عمل في مجال اللغة والأدب والتاريخ وغيرها من العلوم والفنون.. إضافة إلى المواجهات البطولية للكرد اليوم أيضا ضد قوى الإرهاب والشر إلا دليل ساطع على إن الحرية الفردية والتي هي من أبرز السمات الرومانسية تطغى بشكل كبير على سلوك الإنسان الكردي حيث تجعله يبحث بشكل مستمر عن خصوصيته الفكرية والوجدانية ولكن عندما يتعلق الأمر بقضيته القومية والتي أصبحت معقدة بالنسبة له تجده ينفر من الواقع المظلم الذي لا يتوافق مع طبيعته التواقة إلى الحرية والشاعرية حيث يدعو إلى القيم المثالية بمقابل عدم اعتراف الآخر بوجوده وحقه في الحياة ولأنه يفتقر إلى الأدوات والقدرات الحقيقية لمواجهة مغتصبي حقه دون ان يعترف بذلك بل يدعي أنه يمتلك أسباب القوة إنما الآخرون وخاصة من أبناء جلدته هم سبب هذا الضعف وان بحثه عن الحل غالبا ما يزيد من كثرة الأحزاب السياسية الكردية والهوة الكبيرة بين الواقع التي تعيشها والشعارات التي تتبناها وهي تزيد من حالة الاضطراب الفكري والاحتماء بالمشاعر والخصوصية الحزبية و الفردية إضافة إلى القدرات المتواضعة لمعرفة وفهم جغرافية وتاريخ الكرد والافتقار إلى البحث
والتفكير بلغته الأم لأن الأنظمة الغاصبة لحقه بذلت ما بوسعها من جهود حتى تحرم عليه لغته وثقافته. لا ادعي ان طبيعة الإنسان الكردي تختلف في بنيتها عن طبيعة ابناء المنطقة الذين خضعوا لاستبداد وأدلجة انظمتهم السياسية الحاكمة وانشغلوا بالأعداء الذين صنعتهم تلك الأنظمة في الداخل والخارج على حساب حيويتهم وقيمهم الانسانية فتلاشت روح المعارضة للظلم والفساد الذي أضحى من أهم أركان الانظمة الحاكمة لبلدانهم وحينما تلتفت تلك الجماهير إلى واقعها السيء وتتحرك ضد مستبديها فسرعان ما تتوالى تلك الأنظمة بالسقوط والعامل المساعد للعمل الجماعي هنا هو وجود كيان تجمع القوى المختلفة على المحافظة عليه والعمل من أجل حمايته وبالمقابل على الكرد أن يتخلصوا من تجربتهم الحزبية المستنسخة من الأحزاب الشمولية وان يعملوا على إصلاح الأنظمة والمناهج التي غدت متأخرة جداً عما يسري على الواقع من تطورات في كل مجالات الحياة وإعادة النظر في الكثير من الأفكار والشعارات التي لم تتناسب والمراحل التاريخية حتى أصبحت عبئاً على العمل النضالي ولابد من العودة لوضع قواعد تؤسس لفكر ديمقراطي واعتماد الشفافية واستراتيجيات التغيير والذي لا يمكن أن يتطور أي عمل من دونه فالتغيير جوهري في تفعيل المنظمات ورسم استراتيجياتها وفي قدرتها على قياس وتقييم أداء أعضائها للوصول الى حزب مؤسساتي يشعر كل عضو بأهمية وجوده ليعمل بحسب امكانياته حيث يتحقق فيه حالة من التكامل للعمل وضمان لاستمراريته ويحقق المنفعة العامة من خلال الاستفادة من كل الجهود والقدرات المتوفرة بموازاة الإيمان المطلق بشرعية الحقوق المطالب بها دون تجزئتها أو الانتقاص منها بسبب الظروف الذاتية والموضوعية لأن العمل يجب أن يكون على تغيير هذه الظروف لترسيخ الحقوق والعكس ليس بصحيح.