البعد الديمقراطي للقضية الكردية
كاظم خليفة
خاص/نشرة نداء الاصلاح
تعتبر المنطقة التي يعيش فيها الشعب الكردي من أهم المناطق الحيوية اقتصاديا في العالم بالنسبة للدول العظمى على وجه الخصوص حيث دأبت تلك الدول على مر التاريخ وبكل قوتها العسكرية والسياسية من أجل التواجد والحفاظ على مصالحها في هذه البقعة الجغرافية من الشرق الأوسط وقد تكللت جهودها باتفاقية سايكس بيكو التي قسمت المنطقة ورسمت الحدود بحسب مصالحها ومعاهدة لوزان 1923 فيما بعد حيث وقفت مع تركيا الكمالية ضد إرادة الشعب الكردي في الحصول على كيان مستقل بذاته ليتوزع بين كل من تركيا وإيران والعراق وسوريا ثم يستغل مظلومية الشعب الكردي للتدخل في شؤون دول المنطقة وتظل المنطقة تعاني من الصراعات القومية والدينية والطائفية ويكون التدخل في شؤون هذه الدول المصطنعة وفرض التبعية عليها وذلك من خلال الحكومات المستبدة والتي ساهمت تلك الدول في خلقها ودعمها لأنها لا تعمل إلا من اجل إدامة حكمها .
وبالرغم. من الثورات العديدة التي قام بها الشعب الكردي من أجل نيل حقوقه وفي عموم أجزاء كردستان إلا أن الظروف الخارجية والداخلية كانت تقف عقبة أمام نجاح هذه الثورات حتى أن بعض الكرد و من خلال تجربتهم النضالية أيقن بأن السبيل الانجع لنيل الحقوق لابد أن يقتصر على النضال الوطني والإنساني حتى اسرفوا في ذلك فاتجه البعض إلى تبني الأممية منهجا حيث انخرطوا في الأحزاب الشيوعية بل وكانوا قادة لها وآخرون إلى الدين أئمة ومشايخ وغالبا ما كان الدافع في الاتجاهين بالنسبة لهم هو التخلص من العبودية ونيل الحقوق . واتجهت الحركة القومية الكردية فيما بعد لوضع ايدلوجية اكثر واقعية ووضوحا تؤكد على ضرورة ربط النضال القومي بالنضال الوطني والديمقراطي واعتبار القضية الكردية جزءا من القضية الديمقراطية في عموم البلدان التي ألحقت بها كردستان حتى أن غالبية الأحزاب الكردية اتخذت الديمقراطية كصفة ملازمة لاسم الحزب ودعت إليها سواء في مناهجها السياسية أو لوائحها التنظيمية حتى وإن كان ذلك في الحدود النظرية ..فقد فرضت على شعوب المنطقة أنظمة استبدادية تعمل على ترسيخ الفكر العنصري والطائفي على حساب تطور البلدان والفقر الذي تعاني منه شعوب المنطقة. فكانت المرتكزات الأساسية للحركة السياسية الكردية هو اعتبار قضيتها جزءا من القضية الوطنية مع التأكيد على أنها قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية وان الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية يمكن تحقيقها من خلال ايجاد نظام ديمقراطي تعددي وعبر دستور يثبت و يحافظ على هذه الحقوق في إطار دولة اتحادية تعددية يتساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات. وقد آمنت الحركة السياسية الكردية بأن الحل الأمثل لقضيته هو اختيار النضال الوطني والديمقراطي في ظل هذه التدخلات الخارجية والحكومات الاستبدادية التي تساهم في تعقيد مشاكل المنطقة وتسعى لإرضاخ الشعوب وادلجتها بحسب اجنداتها ومصالحها وان التجارب النضالية تؤكد أن لا استقرار ولا تطور في بلد متعدد القوميات ما لم يقوده نظام حكم ديمقراطي ودستور يكفل حق الجميع. .وما مشاركة الشعب الكردي الفاعلة في الثورات التي انطلقت ضد الأنظمة الاستبدادية في البلدان التي يتواجد فيها مطالبة بالحرية والعدالة ووحدة الشعب إلا ممارسة فعلية لذلك المنهج الديمقراطي الوطني الذي أنتهجته الحركة السياسية الكردية سبيلا للوصول الى وطن حر معافى وقد أحدثت هذه الثورات متغيرات على جميع الأصعدة هي ترفض في مجملها النظام الشمولي والحزب الواحد وبالرغم مما عانته هذه البلدان من دمار وما قدمته من تضحيات كبيرة نتيجة السياسيات التي أنتجتها الأنظمة الديكتاتورية إلا إن الثورات قد نجحت في أن لا عودة لتلك العهود المظلمة .وإن ما حدث من تحولات على مستوى العالم والمنطقة يخدم النضال الديمقراطي الذي يعد الخيار الأمثل لتحقيق الازدهار والتعايش السلمي. إذ أصبحت الديمقراطية ضرورة ملحة من أجل الحفاظ على التوازن الاجتماعي والسياسي والوسيلة الأكثر نجاعة لاستئصال التطرف القومي والديني وباتت الديمقراطية الشعار الأهم لكل شعوب الأرض للتخلص من الفقر والجهل والتمتع بالحرية التي أقرتها كل القوانين الإنسانية والشرائع والأديان السماوية وقد بدأت الأنظمة الاستبدادية تتهاوى أمام هذا التوجه العالمي لارساخ مفاهيم الديمقراطية وان الشعب الكردي ونتيجة معاناته الطويلة حيث الحرمان من ابسط الحقوق القومية والإنسانية مدرك قبل غيره بأن الديمقراطية حاجة ملحة لقضيته وكذلك للشعوب المتعايشة معه للتخلص من حالة العداء المختلقة من قبل مستغليه وان حل المشاكل لابد ان تكون عبر الحوار على اساس تقبل الشراكة الحقيقة في الوطن المشترك .