وحدة الصف بين الشعار والواقع
كاظم خليفة / نشرة نداء الاصلاح
منذ بداية الستينات حينما انقسم الحزب الكردي الواحد إلى اثنين فثلاثة طغى النضال الحزبي لا السياسي على رؤية تلك الأحزاب وعملها في الساحة الكردية وبذل كل حزب قصارى جهده في تشويه صورة الآخر أمام أعضائه ومؤيديه كوسيلة يسعى من خلالها لترسيخ صحة مساره معتمدا على هيكلية تنظيمية تقوم على المركزية المقيتة لتتحول إلى آلية مستنسخة لصناعة النظام الاستبدادي الشمولي وقد استطاعت هذه الأحزاب أن تتغلغل في المجتمع الكردي مستغلة ما يتميز به من مشاعر قومية وتعطش الى الخلاص من القهر والاضطهاد وتفرض عليه ثقافتها الحزبوية التي تقوم على تقديس القائد والحزب حتى أصبح الكردي أسيرا بفكره وثقافته وعلاقاته لتتجمد عقيدته القومية والوطنية ضمن إطار تلك الأحزاب التى تكاثرت على مر السنين فهو يدافع عن أي فعل او قول يصدر من حزبه أو قائده دون التفكير فيه أو قراءته وهو على أتم استعداد لأن يتعامل مع من لا يكترث بقضيته بل وربما يعاديها ولا يتعامل مع أخيه الذي ينتمي إلى حزب كردي غير حزبه كل ذلك في ظل أنظمة استبدادية حاكمة مارست ضده كل أشكال الظلم من فقر وجهل وإنكار حتى لوجوده كما بذل النظام ما بوسعه من جهد لمحو كل ما له علاقة بالقومية الكردية وتعامل بأجهزته الأمنية القمعية وبكل الوسائل اللاإنسانية مع الشعب الكردي وتطلعاته كمنعه للغة والأسماء الكردية والاعتقالات والفصل من المدارس والمعاهد والتجريد من الهوية واستلاب الأراضي والممتلكات وغيرها من الإجراءات الظالمة وكانت لهذه السياسة الدور الأكبر في تكوين ثقافة الكردي المضطهد والذي لا يملك القوة في مواجهة مغتصبي حقه وهو معروف بعشقه للحياة الحرة الكريمة ورفضه للذل والهوان فيتوجه إلى أخيه الغير متفق معه ليحمله كامل المسؤولية عما يعيشه من وضع سيء لذلك نجدهم في كل كبوة يبحثون عن الخائن ليتحمل كامل المسؤولية دون التفكير في الأسباب الحقيقية لأي إخفاق وأخذ الدروس والعبر منها وربما من أهمها العمل على إعادة البيت الكردي وتحصينه . ومع أن كل الأحزاب الكردية قد لا تخلوا برامجها من الدعوة الى الوحدة إلا أنها في الواقع تكرس حالة التفرقة والانشقاق لأن الوحدة لا تتحقق بالشعارات بل بخلق المناخ المناسب للعمل المشترك مع التشخيص الدقيق للحالة السلبية التي تعيشها الحركة السياسة الكردية عموما و العمل على ما يجمعهم أولا وليس العكس. وعلى أسس تخلو من التحزب والعقلية الشعبوية وذلك من خلال عملية إصلاحية شاملة للبنية التنظيمية والتأسيس لفكر ديمقراطي يعتمد على العمل المؤسساتي وترسيخ ثقافة قبول الآخر فالثقافة السلبية التي امتهنتها بعض الأحزاب والكلاسيكية منها على وجه الخصوص خلقت حواجزا نفسية لدى اتباعها لخوض تجربة التعلم والتشاركية في النضال والتخلص من عقلية اعتبار الحزب غاية ..فالوحدة التي تبقى في حدود الشعارات ستفقد بريقها مع الوقت وتتحول إلى عامل مهم في زيادة التشرذم والانشقاق .لذلك لابد من وضع آلية تأخذ بعين الاعتبار التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على الصعيد الكردي والعالمي وإعادة نظر في الكثير من القيم السلبية وتشخيصها بصورة موضوعية وطرح البدائل الكفيلة لخلق المناخ المناسب للعمل الوحدوي .