عيد للمرأة ولكن…؟
حقوق النساء، تمكين المرأة، تحرير النساء، المساواة… عناوين بارزة لجدلية قائمة منذ قرون، ومطالب ما فتئ ساسة، مفكرين ومنظرين ونسويين، رجالاً ونساء، شيباً وشباباً، أن تغنوا بها ونادوا بتحقيقها.
لكن واقع النساء وحضورهن في المشهد السياسي، الاقتصادي والاجتماعي، عالمياً ومحلياً لا يشي بجدية في السعي لتحقيق هذه المطالب.
فما زالت نسبة النساء اللواتي يتسنمن المناصب على المستوى العالمي أقل بكثير من النصف حتى في أعتى الليبراليات وأكثر الدول الصناعية تقدماً، وما زالت النساء يتعرضن للعنف بشتى أشكاله، من الآخر المتمثل ب ” الرجال” تارةً ومن المجتمع بكليانيته تارةً أخرى، ويستمر تهميشهن وإقصائهن، والتعامل مع نتاجهن بالريبة والشك، وإحاطتهن بالنظرة الدونية، كما أن للنساء نصيبهن من الغبن الاجتماعي أضعاف أندادهن من الرجال.
هل النساء متقاعسات عن أداء الأدوار المنوطة بهن في سيرورة تقدم وتطور مجتمعاتهن؟. لا، البتة؛ لكنها حضارة فرض الأمر الواقع بالقوة، فالفروق البيولوجية منحت الرجال أهم أشكال القوة ألا وهي القوة الفيزيائية التي أتاحت لهم فرض سيطرتهم. وهكذا انقلبت الموازين وهبطت المرأة إلى المرتبة الثانية في السلم الاجتماعي، بعد أن كانت الحاكمة في أسرتها وقبيلتها في أزمنة ماتريركية مثلما جاء في أبحاث سوسيولوجية وأنثروبولوجية.
لقد كان للنساء إسهام كبيرة في تحقيق التحولات الجذرية الكبرى التي تزامنت مع مسيرة ارتقاء بني الإنسان، فللمرأة الفضل في وقوف الجنس البشري على قدميه، حينما كانت تحمل أطفالها بيد بينما تتشبث بأغصان الأشجار باليد الأخرى، والمرأة هي التي اكتشفت الزراعة عندما تساقطت البذور من بين أناملها بالصدفة وعادت لتجد الأشتال اليانعة مكانها، النساء كنّ الطبيبات والمداويات بالأعشاب، النساجات والخبازات والمزارعات، وكنّ في الصفوف الأولى للثورات، وقفن إلى جانب الرجال في المعارك إما في ساحات القتال كمقاتلات أو ممرضات أو طباخات، أو في تحمل هموم وأعباء الدار كاملة طوال غيابهم.
وهنا كانت النساء السوريات في الصفوف الأولى من التظاهرات، وعانين من الاعتقال والخطف والتعذيب… كما سطرت الكرديات ملامح بطولية في النضال ضد فلول الإرهاب، كذلك كنّ من المشاركات الأوائل في ثورة الكرامة والحرية.
السرد عن إنجازات بنات حواء يطول ولكن حقيقة تخلفهن عن الركب لا يمكن إنكارها رغم بروز بعض النسوة اللواتي حطمن بجدارة جدار التمييز الجندري، كأمثال أنديرا غاندي، مارغريت تاتشر، بنازير بوطو، كولدا مائير، كوندوليزا رايس وهيلاري كلينتون ثم أنجيلا ميركل. والكرديات ليلى زانا وليلى قاسم وغيرهن.
أين الحل إذاً؟:
مفتاح الحل بين أنامل النساء أولاً، على النساء العمل على إزالة الشوائب التي سادت العلاقات بين الجنسين، عبر وعي المرأة لكينونتها واحترام تمايزها ومواجتهه، بدلاً من الهروب منه بردود أفعال سلبية كما يحصل أحياناً، مثل النظرة الدونية من لدن النساء لبنات جنسهن، حيث إن العلّة ليست في الاختلاف بين الجنسين إنما في النتائج المترتبة عن هذا الاختلاف، وثقافة التمييز التي ترسخت عبر الأجيال في اللاوعي الإنساني.
في الختام ثامن من آذار مبارك وباقات ورد بضوع ربيع منتظر للمناضلات من أجل الحرية في كوباني وغيرها من المدن الكردية والسورية والعالمية، والحرية للأسيرات في سجون نظام القمع السوري.
ميديا محمود