خلل في العلاقة الكردية – العربية
حواس محمود – الحياة
مقال الزميل حازم صاغيّة الموسوم بـ «كتّاب الكرد ومثقّفوهم: لماذا؟» مقال مهمّ وحساس في اللحظة الكردية المفصلية الراهنة، وذلك لأسباب عدة من أهمها أن المقال صادر عن كاتب عربي ديموقراطي ومعروف بمواقفه المؤيدة للقضية الكردية في الأجزاء الأربعة من كردستان، ومنها أن القضية الكردية ربما كانت تمر في تجربة مريرة وترتب آثاراً انتكاسية ونكوصية خسارة القومية على الكرد بالغة، تماماً كما حدث (وأشار اليها الكاتب مشكوراً) مع جمهورية مهاباد بسقوطها وإعدام رئيسها القاضي محمد على يد شاه إيران آنذاك نتيجة الانسحاب الروسي وإيقاف الدعم للجمهورية، وأيضاً مع اتفاقية الجزائر عام 1975 وقبلها انكسار اتفاقية 11 آذار (مارس) 1970 بين الملا مصطفى البارزاني والدولة العراقية برئاسة أحمد حسن البكر.
الآن مع الاتفاقات القائمة بين الكرد بجميع قواهم المدنية والعسكرية وجميع تياراتهم مع قوى إقليمية ودولية، قد يغيب عنهم الالتفات الى خطورة تراجع التحالفات الراهنة وحصول متغيرات درامية تضر بهم وبقضيتهم في ما لو توقف الدعم الدولي لهم، سيما انه لا توجد وثائق دولية بين الكرد والدول التي يتعاونون معها لمحاربة «داعش»، وهذا قلما ينتبه المثقفون والسياسيون الكرد اليه.
لكن الاستاذ صاغية فاته أن يذكر جملاً او عبارات لمثقفين كرد لكي يدعم مقالته ولجأ الى التعميم، علماً أن هناك مثقفين كرداً لهم مواقف نقدية تجاه ما يجري على الساحة الكردية ولديهم المخاوف والهواجس نفسها التي دفعت الكاتب الى طرح مثل هذا الموقف.
عموماً، لا بد من الاعتراف كردياً بوجود خلل في العلاقة الكردية- العربية. فالكرد يصدمون كثيراً من مواقف قوى محسوبة على الصف العلماني او الديموقراطي، وهي تصدر من حين الى آخر عن بعض الشخصيات المحسوبة على هذا الصف. وهي مواقف شوفينية ربما تماثل أو تزيد عن درجة الشوفينية السلطوية الاستبدادية المعهودة. هذا يثير لدى الكردي، السياسي كما المثقف، ردة فعل ربما تزيد عن الفعل نفسه، فتتحول الى تعصبية كردية تقع فريسة قوى دولية لا مصلحة لها مع الكرد إلا في شكل وقتي وظرفي طارئ. وهذه المصلحة تنتهي بانتهاء الاستفادة الوقتية المحدودة.
أما موضوع كره الذات أمام الغرب ومحبة الذات أمام العرب، فلا اعتقد أن هذا التحليل دقيق كثيراً لأن الموضوع ردة فعل وليس فعلاً بعينه. وردة الفعل لا تعني محبة الغرب وكره الذات او ان النتيجة تكون كذلك. لكن الظروف المحيطة بالكرد ومواقف القوى الإقليمية تجاههم وغياب التوافق الكردي- الكردي… كل هذا يجعلهم يتجهون غرباً وينكفئون شرقاً إن جاز التعبير. ولعل تحذير الكرد من مغبة المبالغة في دور الغرب في انقاذ الكرد مهم جداً في الفترة الراهنة، لا سيما أنهم هم ليسوا موحدين ولا حتى متفقين على خطوط عامة مشتركة، لا بل موزعون ومتنافرون في محاور إقليمية ودولية متصارعة أساساً.