دور التنشئة السياسية في المجتمع
وائل رسول / نشرة نداء الاصلاح
كلمة التنشئة قديمة ليست وليدة اللحظة فقد اهتم بها كبار الفلاسفة كأفلاطون وارسطو ومفكرو العلوم الاجتماعية الا إن استخدام التنشئة بالمعنى المتداول في العلوم الاجتماعية الانسانية يرجع الى نهاية العقد الثالث وبداية العقد الرابع من القرن العشرين حيث تبلور تطبيقها بشكل عملي واسع حينذاك نظرا للحاجة الكبيرة إلى غرس قيم الحب والخير والإخاء من اجل ايجاد المواطن الصالح الذي يتمتع بالخصال الإنسانية النبيلة.
فالتنشئة السياسية برأيي حاجة ضرورية في حياتنا لانها تشكل البناء الفكري الذي ننطلق منه من اجل فهم الحياة الاجتماعية ولانها تكون شخصيتنا وتجعلنا نفهم الحياة أكثر وتوسع مداركنا تجاه الأحداث التي تحيط بنا لذا فهي تخلق الفرد الناجح القادر على مواجهة التحديات وكل ما يعيق حركته في الحياة.
وعلى الرغم من أن الفرد في حياته يمر بعدة مراحل من الطفولة وحتى الشيخوخة، ،و لكل مرحلة خصائصها وسماتها، لذلك علينا أن نعطي ونؤمن لكل مرحلة احتياجاتها اللازمة لكي تنمو بشكل سوي وسليم، وأساس التمييز بين هذه المراحل ليس مجرد عدد السنوات التي يقضيها الفرد في كل مرحلة، وإنما هي القدرات الذهنية التي يمتلكها من جانب، والخبرات التي يتعرض لها من جانب آخر، هذا فضلا عن مدى مشاركته في الحياة العامة ومدى تفاعله مع أعضاء المجتمع الذي يعيش فيه. لذا فبالإضافة إلى التنشئة الاجتماعية لا بد من تنشئة الفرد تنشئة سياسية سليمة ليصبخ عضوا فاعلا في مجتمعه، وقادرا على إدراك ما يدور حوله من أحداث قد تمس حياته بشكل مباشر.
ولابد ان نذكر بعض ادوات التنشئة السياسية المتمثلة في الاسرة، ومؤسسات التعليم الرسمية (المدرسة والجامعة ،الرفاق ،والنوادي ،المؤسسة الدينية ،المؤسسة العسكرية ،والمؤسسات الوسيطة (النقابات والاتحادات والاحزاب السياسية )، ووسائل الاتصال (الاعلام) ومؤسسات المجتمع المدني.
فالتنشئة السياسية ليست منفصلة عن التنشئة الاجتماعية فهي تعد عملية من عمليات التنشئة الاجتماعية التي تقوم بزرع القيم والمبادئ السياسية السائدة في المجتمع من خلال تكوين الوعي والقدرة على معرفة المحيط الذي يعيش فيه وفتح المجال من اجل المشاركة السياسية ويكون لديه معرفة بشؤون الدولة وحتى يستطيع ان يصوت او يترشح للانتخابات او منافسة القضايا السياسية مع الاخرين، فيفتح آفاقه نحو أمداء واسعة، يعي الفرد دورة في المجتمع وبالتي يعي وجوده فيعزز الروح الديمقراطية عنده أكثر ، فيبدي رأيه بشكل سليم، ويتحرك الأفراد بحرية في ابداء ارائهم، ويدلون بمواقفهم ووجهة نظرهم تجاه السلطة السياسية التي تمثلهم أو تحكمهم.
فبما ان التنشئة السياسية عملية تثقيفية وتعليمية يخضع لها الفرد من اجل تفعيل دوره في المجتمع لذا على مؤسسات المجتمع ان تساعد الفرد في تكوين شخصيته المستقلة البعيدة عن الأدلجة الجاهزة والأفكار المنغلقة وأن تنمي لديه الفكر الإنساني الحر حتى يصل هذا الفرد إلى مرحلة النضج السياسي السليم ويصبح لديه القدرة على التفاعل الايجابي في مختلف القضايا في مجتمعه.
جدير ذكره أن التنشئة السياسية السليمة تؤسس للاستقرار السياسي في المجتمع والتوافق في الثقافة السياسية بين الجماهير، وبالتالي نكون امام مجتمع واع يستطيع ان يواجه كل التغيرات التي قد تحصل على المستوى السياسي في الدولة وفي حال اهمالها فإن ذلك سيهدد امن واستقرار المجتمع.