الاستبداد وفقدان الرؤية الموحدة لمعالجته في سوريا
فيروشاه عبدالرحمن *
حظر الاحزاب السياسية في سوريا منذ بداية تسلم حزب البعث للسلطة جعل الواقع السياسي في البلاد عبر الاحزاب السرية واختصر بوجود الإخوان المسلمين والحزب الشيوعي السوري والاحزاب
الكردية، التي كان الضغط عليهم مضاعفاً كونها احزاب قومية فكان الاعتقال أحياناً وتقسيم هذه الاحزاب وبزيادتها بمتوالية هندسية لتبقى ضعيفة و على الرغم من القمع والاستبداد بحق المختلفين بالرأي مع السلطة ودون هوادة فإن جُلّ مطالبهم كانت محصورة بإصلاحات و قوانين تتماشى مع إنسانيتهم وكرامتهم ولَم تثنيهم ذلك لإيقاف حراكهم السياسي بعد 1973 قامت الأجهزة الأمنية باعتقال المعارضين للنظام السياسي القائم حيث شددت من اجراءاتها القمعية واستبدادها بمواجهات مسلحة مع قوى معارضة في نهاية السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وبقيت السلطة على موقفها الشوفيني من الشعب الكردي و بسبب الضغط المتزايد و من خلال القوانين و القرارات و الإجراءات الاستثنائية ما ادى الى تفجر انتفاضة شعبية عام2004 بالرغم من افتعالها من بعض الجهات في السلطة الحاكمة فقد كسرت حاجز الخوف لدى السوريين ومع اندلاع ثورات الربيع العربي أصبح هناك حافز أخر
ولانطلاقة الحراك الشعبي السوري عام 2011 بمطاليب اصلاحية ضد الاستبداد و المحنة الاقتصادية جوبهت بالعنف من مختلف اجهزة الدولة بالقمع وفيما بعد وعندما استمرت رغم كل الصعوبات التي واجهتها تم السطو على هذا الحراك الشعبي فتم تحويلها الى صراع طائفي و ارهاب جرفت الاحتجاجات معها الى الهدف غير الذي اراده ورغبه الشعب السوري فتحولت الى حرب على الارض السورية و خلط المعادلة الى نتائج غير منطقية حتى وصلت الأمور الى عدم بلورة بديل للنظام السياسي القائم
بالمحصلة فان غياب الحياة السياسية في البلاد دفع هذه الاحتجاجات بالذهاب الى الجهة او الهدف غير السليم فالأحزاب الكردية بالرغم انها تضمنت في إطارين بدل كثرة الاحزاب السياسية الكردية الا انها بقيت أهدافها غير واحدة و كذلك اجندة الاحزاب الاسلامية و الشيوعية ظلت بعيدة عن الهدف المرسوم لدى الشارع السوري وثمة من تحجج بالتمسك بالدولة كما كانوا يرددون للحفاظ على مصالحهم بالرغم من عدم وجود اي حزب او تيار في سوريا عمل ضد شرعية الدولة
إذاً هذا الانقسام في اجندة و برامج الاحزاب السياسية السورية نسبياً ساهم في انقسام الشارع السوري والذي ادى الى تغيير آفاق الحل السياسي مع العلم بأنه لم يوجد في سوريا من الاحزاب او الحركات التي كانت تمثل الشارع و الذي ادى الى غياب قيادة موحدة للحراك الشعبي التي تغيرت وجهتها
بفعل الداخل المنقسم و الخارج الذي حاول تمرير اجندته على حساب دماء الشعب السوري فلا بدّ اذا من بلورة عقد اجتماعي يؤدي الى التغيير المنشود و يمثل إرادة و ثقافة و طموحات الشعب السوري واستراتيجية شاملة وطويلة الأمد وسريعة وإعادة منظومة قيم العدالة و المساواةو الكرامة والحرية التي قامت الثورة من أجلها .
*عضو المكتب التنفيذي لحركة الاصلاح الكردي- سوريا